نظريات التعلم
هناك نظريات عدة حول تعلم الطفل والمراهق والكبار بصفة عامة. ونظرا إلى صعوبة الإحاطة الشاملة بها كلها ، فإننا سنتحدث عن النظريات التي تستعمل أكثر في مجال التربية والتكوين.
1-النظرية السلوكية (Behaviorisme)
ظهرت السلوكية بشكل قوي بعد الحرب العالمية الأولى؛ وشكلت اتجاها حديثا في علم النفس، فحاولت أن ترقي به إلى مستوى العلوم الرياضية والفيزيائية عن طريق اعتماد خطوات المنهج العلمي التجريبي. ويعتبر واطسون المؤسس الأول للسلوكية، يليه كل من بافلوف وثورندايك وسكينر وبلوم وماجر وبلومفیلد وهال وجاتري.
ومن منطلقات السلوكية نجد الموضوعية والوضعية والداروينية وعلم نفس الحيوان،والنزعة الوظيفية الأمريكية، ناهيك عن أثر المدرسة الروسية الرائدة في علم النفس.
ورغم الاختلافات الموجودة بين السلوكيين، يمكن أن نقول بأن ما يوحد بينهم هو المعادلة (مثير استجابة) ذلك ان التعلم، بحسب هذه النظرية، هو تغيير او تعديل في سلوك التلميذ، ينتج عن الممارسة والتدريب، أو عندما يتعرض لتأثير صادر عن المحيط أو البيئة”.
2- النظرية الجشطالتية gestaltismeLe
الجشطالت هي” الكل أو البنية أو الصيغة أو الشكل الكلى”. من رواد هذه النظرية نذكر كوفكا وكوهلر. و فيرتيمر وبول کيوم وترى النظرية الجشطالتية أنه ينبغى أن ندرس الظواهر والموضوعات دراسة كلية دون محاولة تجزيئها كما تفعل السلوكية. إن الكل ليس هو المجموع المتراكم للأجزاء، ولكنه نسق. إن تعليم وتعلم الكتابة والقراءة هدف، لكن السلوكية تجزئه إلى تعليمرالحرف ثم الكلمة ثم الجملة ثم النص، فجملة مثل “أبي فلاح ماهر” يعلمها الأستاذ عن طريق تجزيئها إلى ألف وباء وياء وفاء وحاء وميم وهاء وراء. أما الجشطالتية، فترفض هذه الطريقة وتقول بالطريقة الكلية لصاحبها دیكرولي. ويربط أندریه دولورم Andr6 Delorme بين الجشطالتية والمقاربة الكلية لأن الجشطالتيين يرون أن ما يكون شكل الميلودیا ( La melodie) هو التنظيم المنسجم بين الموسيقيين والآلات، وليس الصوت. ذلك أن الإدراك يقوم على مبدأ أن المجموعة أهم من الأجزاء.
3- النظرية المجالية:(champs Theorie des)
من روادها عالم النفس الألماني كيرت لوين Kurt Lewin. تعتبر النظرية المجالية الفعل التعليمي فعلا إدراكيا بالدرجة الأولى، لكنها تقول بأهمية المجالين الداخلي والخارجي في التعلم والإدراك، خلافا للجشطالتية التي ترجع التعلم إلى البنية الخاصة بالموضوع أو المحيط الخارجي.
- المجال الخارجي(الموضوع) : إنه يتشكل من مجموعة العناصر المتفاعلة فيها بينها، لكن هذا التفاعل عند المجالي ين تفاعل بين جميع عناصر ومكونات الوضعية التعليمية -التعلمية، بينما هو مجرد تفاعل بين عناصر ومكونات البنية عند الجشطالتيين.
- المجال الداخلى السيكولوجي (المتعلم) : إنه بحسب كيرت لوين بنية سيكولوجية شبه عقلية وشبه اجتماعية وشبه طبيعية، بمعنى أنها تشمل تجارب الإنسان المختلفة وخبراته وآلامه وأمانيه ورغباته ومدى حريته في المجال الخارجي، وكذلك لغة قومه وأصدقائه وأسرته وأماكن لعبه ولهوه . ومن مبادئ النظرية المجالية نذكر مبدأ التمايز ومبدا التكامل ومبدأ تنظيم المجال الادراكي ومبدا الدافعية ومبدأ الادراك الانتقائي ومبدأ الخبرة المعرفية ومبدا التغير القسري ومبدأ التغير الذاتي ومبدا التنظيم العقلي.
3– النظرية البنائية أو التكوينية (Constructivisme)
يرى بياجي Piaget أن التعلم فعل عملياتي وفعل وظيفي، وذلك یعني أن للذات دورا أساسيا في عملية التعلم. فهي ذات فاعلة ومتفاعلة مع محيطها العام. إن تعلم المعرفة أو اكتسابها لا يحصلان نتيجة لتأثيرات مباشرة تأتي من المحيط الخارجي أو من الموضوع کا ترى السلوكية، كما أنهما لا يحصلان نتيجة عمل عقلي خالص كما ترى بعض النظريات العقلانية بالأساس، ولكن التعلم في نظر بياجي، نشاط ذهني حركي يحصل من خلال عمليتين متلازمتين هما الاستيعاب والملاءمة، فالاستيعاب آلية سيكولوجية تسمح للفرد بإدماج المعطيات والمعلومات الصادرة عن الموضوع أو المحيط الخارجي في إطار نشاطه وأفعاله الحركية أو الفكرية. وتتمثل هذه الآلية في جملة من الأفعال المنظمة: الجمع، العكس، الترتيب، التصنيف، الإمساك، الجذب، الدفع، النفي، الإثبات، التقسيم، الضم. . .
ويسمي بياجي هذه الآلية بالاستيعاب لأنها تمكن من عمليات عقلية متنوعة، إنها عملية إدماج المعطیات والمعارف الجديدة في البنيات الذهنية القبلية.
اما الملاءمة فهي آلية سيكولوجية تمكن الفرد من الانصات والانتباه لما يحدث في الموضوع او المحيط الخارجي من تغيرات، فالاستيعاب هو ادماج المعرفة الجديدة في بنيات الذات، والتلاؤم هو تلاؤم الذات مع هذه المعرفة الجديدة.