بيع الأصل التجاري في القانون المغربي
تجدون في هذه المقالة:
المحور الأول : الشروط المتطلبة لبيع الأصل التجاري
- الفقرة الأولى: الشروط الموضوعية لبيع الأصل التجاري
- الفقرة الثانية : الشروط الشكلية في عقد بيع الأصل التجاري
المحور الثاني: آثار بيع الأصل التجاري
- الفقرة الأولى : آثار بيع الأصل التجاري بالنسبة لأطراف العقد
- الفقرة الثانية : آثار بيع الأصل التجاري بالنسبة لدائني البائع
المحور الاول : الشروط المتطلبة لبيع الأصل التجاري
يخضع بيع الأصل التجاري للقواعد العامة في باب البيع المنصوص عليها في قانون الالتزامات والعقود ، إلا أن هذا النوع من البيوعات قد خصه المشرع بأحكام نوعية أكثر تعقيدا من غيرها. حماية لكل أطراف العلاقة التعاقدية وكذا مصالح الأطراف الخارجية.
ولقيام عقد بيع الأصل التجاري لابد من توافر شروط موضوعية (الفقرة الأولى) ثم شروط شكلية (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى : الشروط الموضوعية لبيع الأصل التجاري
ينعقد بيع الأصل التجاري شأنه شأن باقي العقود بتوفر الأركان العامة للتعاقد من أهلية ورضا ومحل وسبب.
أولا : الأهلية
ينبغي أن نميز هنا بين أهلية الشخص الطبيعي وأهمية الشخص المعنوي.
بالنسبة للشخص الطبيعي فاهليته لإجراء التصرفات والعقود بصفة عامة وبيع الاصل التجاري أو شرائه بصفة خاصة فتختلف تبعا لسنه وسلامة عقله، فبالنسبة للراشد الذي بلغ 18 سنة مع خلوه من أسباب نقص الأهلية أو انعدامها ،والقاصر الذي بلغ 16 سنة وتم ترشيده طبقا للمادة 218 من مدونة الأسرة فيمكن أن يكونا بائعا أو مشتريا للأصل التجاري.
اما ناقص الأهلية أو عديمها فلا يمكنه بيع الأصل التجاري ولا شراءه تحت طائلة البطلان.
وبالنسبة للشخص المعنوي كالشركات التجارية مثلا فهي تكتسب الأهلية لإجراء التصرفات وابرام العقود من تاريخ قيدها في السجل التجاري واكتسابها للشخصية المعنوية.
ثانيا : الرضا
لانعقاد العقد بشكل صحيح لابد من توفر رضا الطرفين ويكون سليما خاليا من عيوب الرضا كالتدليس أو الغلط أو الاكراه .إلا أن ما يميز ركن الرضا في بيع الأصل التجاري هو كون هذا الأخير عبارة عن مال منقول معنوي تدخل في تكوينه عناصر معنوية غير ملموسة يصعب التحقق من وجودها وحجمها والمواصفات المتعلقة بها ،فإذا ما وقع مشتري الأصل التجاري ضحية غلط او تدليس أو إكرام أثر على رضاه خلال ابرام العقد، فقد خول له المشرع الحق في المطالبة بإبطال البيع أو إنقاص الثمن، وذلك داخل أجل سنة من تاريخ العقد اذا كانت البيانات المذكورة فيه غير صحيحة، شرط أن يثبت المشتري تضرره من ذلك (المادة 82 من مدونة التجارة ).
ثالثا : المحل
1.تحديد المبيع: حتى يكون البيع صحيحا يجب أن يكون المبيع موجودا بمعنى أن يكون موضع البيع أصل تجاري، وذلك تحت طائلة بطلان العقد لانعدام محله، كما يجب ان يكون المبيع محددا في العقد أي تحديد كافة عناصره المادية والمعنوية.
وقد خولت المادة 82 من مدونة التجارة المغربية للمشتري الحق في المطالبة بإبطال العقد داخل أجل سنة من تاريخ البيع مع إثبات ذلك،اذا لم تتحدد العناصر بالشكل المطلوب.
2.تحديد ثمن البيع : طبقا لمقتضيات المادة 81 من م.ت يجب على أطراف العلاقة التعاقدية تحديد ثمن البيع مع تعيين ثمن كل عنصر شمله البيع.
ويترتب عز عدم تحديد الثمن منح المشتري الحق في المطالبة بإبطال العقد داخل اجل سنة من تاريخ البيع شرط أن يثبت تضرره مز ذلك.
كما أوجب المشرع إيداع ثمن البيع لدى جهة مؤهلة قانونا للاحتفاظ بالودائع (كالموثقين…)وذلك قصد تمكين دائني البائع من التعرض على قبض الثمن ويتمكنوا من استيفاء ديونهم منه.
رابعا : السبب
كما هو الحال بالنسبة لجميع العقود يجب أن يكون لعقد بيع الأصل التجاري سبب ,ويعتبر السبب واحدا من الأركان الجوهرية في العقد ويجب أن يكون السبب موجودا وحقيقيا ومشروعا , ويترتب عن عدم وجوده أو عدم مشروعيته بطلان العقد بطلانا مطلقا ,ويكون باطلا أيضا إذا كان الباعث إلى التعاقد غير مشروع أو مخالف للنظام العام والأخلاق الحميدة.
الفقرة الثانية : الشروط الشكلية الخاصة في عقد بيع الأصل التجاري
بالإضافة إلى الشروط الموضوعية التي تطرقنا إليها في الفقرة الأولى يشترط المشرع في عقد بيع الأصل التجاري شروط أخرى خاصة، الهدف منها حماية الأطراف في مواجهة بعضهم البعض من جهة وحماية دائني الأطراف من جهة أخرى ,وعليه فقد اشترط المشرع كتابة العقد (أولا ) ,ثم أوجب شهره (ثانيا)
أولا : الكتابة
حسب مقتضيات المادة 81 من مدونة التجارة المغربية يجب أن ينظم بيع الأصل التجاري عقد مكتوب عرفي أو رسمي. ويجب أن يتضمن مجموعة من البيانات حددها المشرع والهدف منها إضفاء مزيد من الشفافية على عملية البيع وحتى تتبين بوضوح العناصر التي يشملها البيع والقيمة الاقتصادية الحقيقية لكل عنصر من العناصر وللأصل التجاري ككل.
ويجب أن يتضمن عقد بيع الأصل التجاري البيانات التالية:
-اسم البائع وتاريخ عقد التفويت ونوعيته وثمنه مع تمييز ثمن العناصر المعنوية والبضائع والمعدات.
-حالة تقييد الامتيازات والرهون المقامة على الأصل التجاري.
-وعند الاقتضاء، الكراء وتاريخه ومدته ومبلغ الكراء الحالي واسم وعنوان المكري.
مصدر ملكية الأصل التجاري
واذا لم يتضمن العقد على أحد هذه البيانات أو كانت البيانات الواردة فيه غير صحيحة، أمكن للمشتري طلب إبطال العقد إذا تضرر من ذلك .
ثانيا : الشهر
حتى ينعقد بيع الأصل التجاري بشكل صحيح يجب أن يتم شهر عقد بيع الأصل التجاري , وهكذا يجب على البائع أن يقوم بشهر العقد وذلك بإيداع نسخة منه أو نظير لدى كتابة ظبط المحكمة المختصة وذالك داخل أجل 15 يوما من تاريخ البيع .
وإذا لم يتم الشهر فلا يمكن الاحتجاج بالبيع في مواجهة الأغيار بمن فيهم دائنو البائع, ولا تبرأ ذمة المشتري في مواجهتهم.
وإذا كان من بين عناصر الأصل التجاري المبيع حقوقا تخضع إجراءات شهر خاصة فإنه يجب استيفاء تلك الإجراءات تحت طائلة عدم الاحتجاج بتفويتها اتجاه الغير ,كما هو الشأن بالنسبة لحقوق الملكية الصناعية التي يجب تسجيل التصرف الواقع عليها لدى المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية.
ولا تعتبر عملية الشهر تامة إلا بقيام كاتبة الضبط بنشر المستخرج المقيد في السجل التجاري في الجريدة الرسمية أو في إحدى جرائد الإعلانات القانونية وعلى نفقة الأطراف ومعاودة المشتري لعملية النشر هذه بين اليوم الثامن و الخامس عشر بعد النشر الأول حسب المادة83 من مدونةالتجارةالمغربية.
قد يهمك ايضا :
المحور الثاني : آثار بيع الأصل التجاري
يترتب على بيع الأصل التجاري التزامات متبادلة في ذمة كل من البائع والمشتري
ويمنح حقوقا لكل منهما,وإضافة إلى ذلك فإن بيع الأصل التجاري قد يهدد مصالح دائني البائع أيضا ، وتبعا لذلك سنتعرض لآثار بيع الأصل التجاري بالنسبة للبائع والمشتري (الفقرة الأولى ) ثم الضمانات المقررة لدائني البائع (القفقرة الثانية)
الفقرة الأولى : آثار بيع الأصل التجاري بالنسبة لأطراف العقد
كما سبق أن ذكرنا فبيع الأصل التجاري عقد تبادلي يرتب التزامات متبادلة في ذمة طرفيه ويقر حقوقا لكل منهما وعليه سنتطرق لالتزامات البائع وحقوقه (أولا) ثم التزامات المشتري وحقوقه (ثانيا)
أولا : التزامات البائع وحقوقه
1- التزامات البائع
يلتزم بائع الأصل التجاري بالتزامين أساسيين: الالتزام بالتسليم، والالتزام بالضمان.
أ-الالتزام بالتسليم :
ويتمثل في التزام بائع الأصل التجاري بأن يسلم للمشتري الأصل التجاري بكافة عناصره التي شملها البيع والتي تمكن المشتري من استغلاله والمحافظة على الزبناء
ب-الالتزام بالضمان :
ويتمثل في التزام البائع بضمان عمله الشخصي وبضمان العيوب الخفية إضافة إلى ضمان الاستحقاق
ــ ضمان العمل الشخصي للبائع أي الالتزام بعدم المنافسة، إذ يجب على البائع أن يمتنع عن كل فعل يمكن أن يشكل تضييقا على المشتري في ممارسة حقوقه على الأصل التجاري المبيع وخاصة بعدم ممارسة نفس التجارة في نفس مكان استغلال الأصل التجاري المبيع
ــ ضمان الاستحقاق : حسب مقتضيات الفصل 534 من قانون الالتزامات والعقود إذا تبث استحقاق الأصل التجاري المبيع أو واحد من عناصره الجوهرية للغير فعلى البائع ضمان ذلك. ويكون للمشتري في هذه الحالة الحق في طلب فسخ البيع ورد الثمن مع التعويض عن الضرر إذا كان له موجب، أو أن يطلب إنقاص الثمن (542 ق ل ع )
ــ ضمان البائع للعيوب الخفية : يضمن البائع ايضا العيوب الخفية في الأصل التجاري والتي يكون من شأنها إنقاص قيمته (549 ق ل ع )، ويكون من حق المشتري في هذه الحالة أن يطلب فسخ البيع والتعويض عن الضرر حسب الفصل 556 من ق ل ع) أو إنقاص الثمن الفصل (557 ق ل ع)
2- حقوق البائع
بالنسبة لحقوق البائع فانه وبمجرد انتهاء مدة التعرض دون مطالبة الدائنين بدين لهم في ذمته أن يقبض ثمن البيع ،أما في حالة ما إذا ظهر متعرض وامتنع المشتري عن دفع الثمن له فيمكنه اللجوء إلى رئيس المحكمة ليطلب الإفراج عن الثمن مقابل دفع المبلغ المتعرض بشأنه.
أما إذا كان هناك اتفاق بين البائع والمشتري على تأجيل الثمن فللبائع وسيلتين لضمان حقه :
أ- حق الامتياز على ثمن البيع
يتمتع البائع بحق الامتياز على كل دائني المشتري لتحصيل ثمن البيع أوما تبقى منه من ثمن الأصل التجاري المبيع ، وقد اشتوط المشرع لاستفادة البائع من هذا الحق ثلاث شروط أساسية :
ـ أن يسجل في السجل التجاري أن البيع قد تم بالسلف وأن الثمن يدفع على أقساط وذلك داخل أجل 15 يوما من تاريخ إبرام العقد (المادة 91 من مدومة التجارة المغربية)
ــ أن يتكرر هذا التسجيل لدى كتابة ظبط كل محكمة ابتدائية يوجد في دائرة نفوذها فرع للأصل التجاري المبيع.
ــ أن يبين في القيد عناصر الأصل التجاري الضامنة لوفاء الثمن ،وإذا لم تبين اقتصر الضمان على العناصر المبينة في عقد البيع الذي تم شهره وإذا لم يحددها عقد البيع اقتصر الامتياز على الاسم التجاري والشعار والحق في الإيجار والزبائن والسمعة التجارية فقط.
فاذا قام البائع بهذا التسجيل يصبح له حق الامتياز على جميع دائني المشتري في استيفاء الثمن ولو كانوا مكتسبين لرهن على الأصل التجاري.
ب-حق طلب فسخ البيع
حسب القواعد العامة الواردة في قانون الالتزامات والعقود يكون من حق البائع طلب فسخ عقد بيع الأصل التجاري لعدم تنفيذ المشتري للالتزامه بدفع الثمن.
ثانيا : التزامات المشتري وحقوقه
1- التزامات المشتري
يعتبر دفع الثمن لفائدة بائع الأصل التجاري أهم التزام يقع على عاتق مشتري الأصل التجاري متى كان الثمن معجلا، ثم بعد ذلك تسجيل البيع في السجل التجاري وعلى المشتري في هذه الحالة أن ينتظر انقضاء مهلة التعرض المحددة في 15 يوما دون ظهور أي متعرض ثم يقوم بدفع الثمن لفائدة البائع ، ولا يتحمل أية مسؤولية اتجاه دائني البائع، أما إن دفع الثمن قبل انتهاء أجل التعرض أو مع وجود متعرض فإن الأصل التجاري يبقى ضامنا لديون البائع ويبقى للمشتري الحق في الرجوع على البائع بمبالغ الديون التي سددها في محله.
2- حقوق المشتري
إن حقوق المشتري في حقيقتها التزامات البائع، ومن ثم فلمشتري الأصل التجاري الحق في تسلم الأصل التجاري المبيع بكامل العناصر التي شملها البيع وله الحق في مواجهة البائع بضمان العيوب الخفية وضمان استحقاق الأصل التجاري.
الفقرة الثانية : ضمانات دائني بائع الأصل التجاري
كما هو معلوم فالأصل التجاري يدخل ضمن الضمان العام لدائني مالكه وبيعه من شأنه أن يضعف ضمانهم ويهدد حقهم في استيفاء ديونهم بالتنفيذ عليه ولحماية دائني البائع منحهم المشرع الحق في التعرض(أولا) إضافة إلى ذلك فلهم الحق في كسر ثمن البيع (ثانيا)
أولا : حق التعرض ضمان لدائني البائع
خول المشرع المغربي لكل لكل دائن للبائع أن يتعرض على دفع الثمن له وذلك سواء كان دينه متعلقا باستغلال الأصل التجاري أو دينا مدنيا ،وسواء كان الدين دينا عديا أو ممتازا
وينتج عن ممارسة التعرض من صاحب الحق فيه منع البائع من قبض ثمن البيع وتخصيصه للوفاء بالديون المتعرض بشأنها.
ثانيا : حق كسر ثمن البيع وإجراء المزايدة العلنية
يمكن لدائني البائع الذين يحق لهم التعرض متى اتضح لهم أن الثمن المعلن عنه يقل عن القيمة الحقيقية للأصل التجاري أن يعترضوا على ذلك الثمن ويطلبوا إجراء البيع عن طريق المزاد العلني حسب مقتضيات المادة 94 من مدونة التجارة المغربية ويجب لممارسة هذا الحق أن تتوفر ثلاث شروط أساسية :
-يجب أن يكون الثمن المعلن عنه غير كاف لوحده للوفاء بالديون
ـ أن يكون المتعرض مستعدا لضمان زيادة في الثمن لا تقل عن سدس العناصر المعنوية
ـ أن يكون الثمن قد حدد رضاء بين البائع والمشتري
وإذا نجح المزاد تنتقل حقوق المتعرضين إلى المبلغ الذي رسا عليه وإلا تحمل المتعرض مصاريف إجرائه إضافة إلى السدس الذي التزم به كزيادة.
قد يهمك هذا الموضوع: