رهن الأصل التجاري في التشريع المغربي
يعتبر الأصل التجاري حسب مقتضيات المادة 80 من مدونة التجارة المغربية مال منقول معنوي ويشمل جميع الأموال المنقولة المخصصة لممارسة نشاط تجاري أو عدة أنشطة تجارية، ويشمل وجوبا الزبناء والسمعة التجارية.
فإذا كان الأصل التجاري مثله مثل سائر الأموال التي تحسب من الذمة المالية للشخص، فله الحق في التصرف فيها بجميع أنواع التصرفات، البيع، الهبة… كما له الحق أن يقدمه كضمان للمدين في إطار عقد الرهن.
ورهن الأصل التجاري لا يخول للدائن الحق في الحصول عليه وإنما يحتفظ مالك الأصل التجاري بحيازته.(المادة 106 من م. ت)
وإذا كان المشرع قد أعطى هذه الميزة للمدين، فبالمقابل وضع نظام السجل التجاري بالنسبة للدائن حتى يتمكن من تسجيل جميع التقييدات المنجزة على الأصل التجاري، والاطمئنان على الديون التي يقدمها لمالك الأصل التجاري.
فما هي اذا مختلف المراحل التي يمر بها عقد رهن الأصل التجاري؟ وماهي أهم الآثار المترتبة عن رهن الأصل التجاري؟
وهو ما سوف نحاول الإجابة عنه من خلال اتباع التقسيم الآتي:
المطلب الأول : إنشاء الرهن على الأصل التجاري
المطلب الثاني : آثار عقد رهن الأصل التجاري.
المطلب الأول : إنشاء الرهن على الأصل التجاري .
يستلزم رهن الأصل التجاري بالإضافة إلى الشروط العامة المتطلبة قانونا من أجل زبرام العقود(الرضا، الأهلية، المحل، السبب)، شروطا خاصة به منها ما هو موضوعي( الفقرة الأولى) ومنها ما هو شكلي( الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى :الشروط الموضوعية المتطلبة لإنشاء رهن الأصل التجاري.
يشترط لرهن الأصل التحاري توافر مجموعة من الشروط الموضوعية منها ما يرتبط بالمدين الراهن( أولا) ومنها ما يتعلق بمحل الرهن (ثانيا)
أولا :الشروط الموضوعية المتعلقة بالمدين الراهن
لقد أقر المشرع المغربي شروطا معينة يجب توافرها للراغب في رهن الأصل التجاري ، وهي ان يكون الراهن أهلا للتصرف في الأصل التجاري عن طريق الرهن، واعتمادا على الإحالة من مدونة التجارة المغربية المادة 12 منها على مدونة الأسرة يكون سن الرشد القانوني الذي يخول للشخص الحق في إبرام التصرفات على اختلاف انواعها هو 18 سنة شمسية كاملة، ويستثنى من ذلك حالة القاصر المأذون له ممارسة التجارة، وكذا حالة الترشيد المنصوص عليها في المادة 218 من مدونة الأسرة ،بشرط أن يتم تقييد الإذن او الترشيد في السجل التجاري.
كما يشترط المشرع أيضا أن يكون هو المالك الحقيقي للأصل التجاري.
وتطبيقا لذلك يمكن لمالك الأصل التجاري ان يقدم أصله ضمانا لدينه سواء كان هو المالك للعقار الذي يمارس فيه التجارة أو مجرد مكتري، وهو ما تضمنه الفصل 37 من ظهير 24 ماي 1955 المنظم للكراء التجاري، حيث منع المكري من التعرض للمشتري في حالة بيع الأصل التجاري المشغل بالعقار المكري.
ثانيا : الشروط الموضوعية المتعلقة بمحل الرهن
حسب المادة 107 من مدونة التجارة : (لا يجوز أن يشمل رهن الأصل التجاري سوي العناصر المحددة في المادة 80 باستثناء البضائع….) وتطبيقا لما هو مسطر اعلاه، يجوز رهن الزبناء والسمعة التجارية، الاسم التجاري، الشعار، الحق في الكراء، الأثاث التحاري والمعدات والأدوات، براءة الاختراع والرخص وعلامات الصنع والتجارة والخدمة والرسوم والنماذج الصناعية.
الفقرة الثانية :الشروط الشكلية
يتطلب رهن الأصل التجاري توافر شروط شكلية مهمة منها ما يتعلق بالكتابة (أولا) ومنها ما يتعلق بإيداع نسخة مو العقد الرسمي أو العرفي لدى كتابة ضبط المحكمة التجارية التي يوجد بدائرة نفوذها مقر استغلال الأصل التجاري (ثانيا) ثم تجديد التقييد لدى كتابة ضبط المحكمة المختصة كل خمس سنوات.
أولا :شرط الكتابة
تشترط المادة 108 من مدونة التجارة أن يثبت الرهن بعقد مكتوب رسمي أو عرفي يتضمن تاريخ العقد، الأسماء الشخصية والعائلية لمالك الأصل التجاري وللدائن وموطنهما وبيان الفروع ومقارها التي فد يشملها الرهن.
ثانيا : إيداع نسخة من العقد لدى كتابة ضبط المحكمة التجارية
استوجب المشرع المغربي من خلال المادة 108 من مدونة التجارة ،تحت طائلة البطلان، إيداع نسخة من العقد الرسمي أو العرفي لدى كتابة ضبطزالمحكمة التجارية التي يوجد بدائرة نفوذها مقر استغلال الأصل التجاري.
كما ألزم المشرع بالقيام بعملية التسجيل داخل أجل 15 يوما من تاريخ إنشاء العقد.
كما ألزم المشرع من خلال المادة 137 من مدونة التجارة القيام بأجراءت تجديد التقييد لدى كتابة ضبط المحكمة التجارية المختصة كل خمس سنوات تحت طائلة إلغاء التقييد الأولي بصفة تلقائية.
المطلب الثاني : آثار عقد رهن الأصل التجاري
إن الطبيعة الخاصة التي يتميز بها رهن الأصل التجاري باعتباره منقولا معنويا، جعل منه المشرع رهنا رسميا أكثر منه رهنا للمنقول، ما دام أن المدين لا يتخلى عن حيازة الشيء المرهون، وفي نفس الوقت أحاط عملية رهن الأصل التجاري بمجموعة من الضمانات وهو ما بستنتج من خلال دراسة آثار رهن الأصل التجاري بالنسبة للمتعاقدين (الفقرة الأولى) أو في مواجهة الغير ( الفقرة الثانية)
الفقرة الأولى : آثار رهن الأصل التجاري بالنسبة للمتعاقدين
يترتب على رهن الأصل التجاري مجموعة من الحقوق والواجبات بالنسبة لطرفي العقد منها ما يتعلق بالمدين (أولا) ومنها ما يتعلق بالدائن (ثانيا)
أولا : بالنسبة للمدين الراهن
لقد ألزم المشرع المغربي المدين الراهن بالحفاظ على المال المرهون ،وذلك بالا ستمرار العادي في ممارسة نشاطه ودون أن يجري أي فعل من شأنه أن ينقص من قيمة الشيء المرهون وقد نص المشرع المغربي على هذا المقتضى في الفصل 1178 من قانون الالتزامات والعقود. وفي حالة زخلاله بهذا المقتضي يحق للدائن أن يطالب بتحقيق الرهن(الفصل 1183 من ق. ل. ع) ، وكذا إمكانية مساءلته جنائيا( المادة 525 من القانون الجنائي).
كما يلزم المشرع المدين الراهن في حالة نقل الأصل التجاري إعلام الدائنين بهذا الإجراء الذي سوف يقدم عليه، ولقد حددت المادة 110 من مدونة التجارة المدة التي يجب خلالها إعلام الدائنين المقيدين بالمقر الجديد الذي يري أن يستغل فيه أصله التجاري، وهي أجل 15 يوما قبل الإقدام على النقل.
كما يلزم المدين الراهن أيضا بإعلام الدائنين في حالة الإقدام على بيع أحد عناصر الأصل التجاري بخيث لا يقع البيع إلا بعد مضي عشرة أيام على الأقل من تاريخ الإعلام.
ثانيا : بالنسبة للدائن
بالنسبة للدائن المرتهن فإن رهن الأصل التجاري يعطي له حق الأولوية وذلك بالأفضلية على باق الدائنين الذين يتمتعون برهن لاحق، مع الأخذ بعين الاعتبار ما أوردته المادة 110 من مدونة التجارة الاي نصت على أن تخديد مرتبة الدائنين المرتهنين فينا بينهم حسب تاريخ تقييدهم في السجل التجاري ويكون للدائنين المرتهنين النقيدين في يوم واحد نفس المرتبة.
كما يخول المشرع للدائن المرتهن حق التتبع بالنسبة للأصل التجاري المرهون في أي يد كان والتفيذ عليه واقتضاء الدين من ثمنه حسب مقتضيات النادة 122 من مدونة التجارة.
الفقرة الثانية آثار الرهن بالنسبة للغير
قد ينتج عن تقييد الرهن استحقاق الديون السابقة( أولا) كما قد يطالب مالك العقار بفسخ عقد كراء العقار الذي يستغل فيه الأصل التجاري( ثانيا)
أولا :استحقاق الديون السابقة
تنص المادة 122 من مدونة التجارة على ما يلي :”يمكن ان ينتج كذلك عن تقييد رهن استحقاق الديون السابقة اذا كانت مترتبة عن استغلال الأصل التجاري”.
ولقد تطلب المشرع لاستحقاق الدين قبل ميعاده أن يكون سابقا على رهن الأصل التجاري ،كما يتطلب أن يتعلق الين باستغلال الأصل التجاري بحيث أن رهن الأصل التجاري قد يلحق ضررا بالدائن العادي في حالته.
ثانيا : مطالبة مالك العقار بفسخ عقد الكراء
قد يترتب كذللك على الأصل التجاري المثفل بتقييدات إمكانية مطالبة المالك بفسخ عقد كراء القعار الذي يستغل في الأصل التجاري، إلا أن المسرع يتطلب في مقابل هذا الحق الذي يملكه مالك العقار ضرورة تبايغ طلبه هذا الدائنين المقيدين في السجل التجاري في موطنهم المختار، بحيث لا يمكن للمحكمة أن تصدر الحكم في هذه الحالة إلا بعد مرور ثلاثين يوما على تبليغ المعنيبن بالأمر أي الداذنون السابقون المقيدون بالسجل التجاري.
وختاما يمكن القول أن رهن الأصل التجاري كضمان لأداء دين معين يبقى في ذمة المدين وعلى هذا الأخير أن يقوم بأداء الدين المضمون برهن الأصل التجاري في الأجل المحدد وإلا ترتب عن ذلك إمكانية التنفيذ عليه وذاك عن طريق استصدار حكم من طرف المحكمة التي يوجد بدائرة نفوذها الأصل التجاري المرهون وبيعه.